مرحبا بكم في أكاديمية تطوير التدريب والتعليم البريطانية
من منظور علم النفس يشير حبّ الذات إلى قدرة الشخص على قبول وحبّ ذاته دون قيد أو شرط ، بغض النظر عن عيوبه الخاصة أو سلبياته أو أخطائه في الماضي .
إنه ينطوي على تطوير صورة ذاتية إيجابية وإحساس صحي دون إفراط باحترام الذات، مما يمكن أن يساعد الفرد على التعامل مع التوتر، والتغلب على التحديات الأخرى التي قد تواجهه في الحياة، وبناء علاقات جيدة مع الآخرين.
ويرتبط حبّ الذات ارتباطاً وثيقاً بالعديد من المفاهيم النفسية الإيجابية ، بما في ذلك على سبيل المثال التعاطف مع الذات، وقبول الذات، واحترام الذات.
يتضمن التعاطف مع الذات معاملة المرء لنفسه بلطف وتفهّم ورحمة، خاصة في لحظات الصعوبة أو الضيق، وهذا من شأنه أن يساعد الأفراد على تجنب نقد ذواتهم بقسوة، بطريقة يمكن أن تهدم احترامهم لذواتهم وتخفض من رفاهيتهم الذاتية.
أما قبول الذات، فهو يتضمن اعتراف الفرد بنقاط الضعف لديه واحتضانها كما يحتضن ويفخر بنقاط قوته، دون إطلاق أحكام أو استنقاص من النفس.
إنه ينطوي على الإقرار بأن لدى كل شخص نقائصه وعيوبه، وأن هذه الأمور لا تخفض من شأنه أياً كان، أو تقلل من قيمته المتأصلة كإنسان.
فوائد حبّ الذات:
يمكن أن تعود تنمية حبّ الذات بالعديد من الفوائد على صحة الفرد النفسية والعاطفية والجسدية، وفيما يلي بعض الفوائد التي قد تنتج عن حبّ الفرد لذاته :
- تحسين احترام الذات : يمكن أن يؤدي تطوير حبّ الذات إلى زيادة احترام الذات والثقة بالنفس، بحيث يتعلم الفرد تقدير قيمته وأهميته عند نفسه والآخرين.
- زيادة المرونة : يمكن أن يساعد حبّ الذات الفرد على أن يصبح أكثر مرونة في مواجهة التحديات والمحن التي قد تعترضه في الحياة اليومية ، إذ يتعلّم الاعتماد على قوته الداخلية واستغلال موارده وإمكانياته على النحو الأمثل.
- تطوير علاقات أفضل : يمكن أن تؤدي تنمية حبّ الذات إلى ربط علاقات أفضل مع الآخرين، حيث يضع الفرد لنفسه حدوداً صحية، ويصير واعياً باحتياجاته، وينخرط في علاقات أكثر إيجابية .
- تقليل التوتر: يمكن أن يساعد على تقليل مستوى التوتر و القلق لديه، وذلك عندما يعتاد على الرعاية الذاتية .
- زيادة السعادة: يمكن أن يزيد تطوير حبّ الذات من مقدار السعادة والرفاهية لدى الفرد، حيث يتعلم تقدير نقاط قوته وأخذ إنجازاته في عين الاعتبار والتركيز على الجوانب الإيجابية في حياته.
- تحسين الصحة البدنية: يمكن أن يعود حبّ الذات على الفرد بفوائد صحية جسدية أيضاً، حيث قد يكون أكثر عرضة لتطوير عادات والقيام بسلوكيات صحية، مثل ممارسة التمارين الرياضية بانتظام وتحديد نظام غذائي متوازن.
في المجمل، يمكن أن ينتج عن تنمية حبّ الذات فوائد واسعة النطاق في حياة الفرد، ويمكن أن تساعده على عيش حياة أكثر إشباعاً وإيجابية وإرضاءً له.
هل يعتبر حب الذات أنانية؟
ليس حبّ الذات نوعاً من الأنانية أو النرجسية بالرغم من بعض المغالطات والأخطاء الشائعة التي قد تؤدي أحياناً إلى وجود بعض التداخل بين هذه المفاهيم.
تعني الأنانية التمحور حول الذات وتركيز الفرد على مصالحه ورغباته الخاصة، وذلك غالباً ما يكون على حساب الآخرين.
إنه عبارة عن إعطاء الفرد الأولوية لاحتياجاته ورغباته دون مراعاة احتياجات الآخرين، ودون اعتبار حدودهم أو احترام مشاعرهم ..
لكن من ناحية أخرى، ينطوي حبّ الذات على إعطاء الأولوية لرضا الفرد وسعادته، ولكن ليس على حساب الآخرين بتاتاً.
إنه عبارة عن معاملة الفرد لنفسه باللطف والرحمة والاحترام الذي يستحقه، وإدراكه أن احتياجاته ورغباته مهمة وتستحق التقدير والاهتمام.
لئن بدا مفهوما الأنانية وحبّ الذات متشابهين في ظاهرهما، فإن الاختلاف الرئيسي بينهما هو أن الأنانية تتحقق بتجاهل وتجاوز الآخرين، في حين أن حبّ الذات لا يعني ذلك ولا يشجع عليه.
ينطوي حبّ الذات على إدراك أن رفاهية المرء مرتبطة برفاهية الآخرين، وأن كون المرء لطيفاً وعاطفياً مع نفسه سيؤدي في نهاية المطاف إلى علاقات أكثر إيجابية مع الآخرين.
علاوة على ذلك، يمكن أن يؤثر حبّ الذات إيجاباً على الآخرين، وذلك لأن الأفراد ذوو الإحساس القوي بتقدير الذات واحترامها هم عموما ً أكثر استعداداً للانخراط في الأنشطة الاجتماعية الإيجابية والمساهمة في المجتمع والتصرف باحترام وتعاطف مع الآخرين.
باختصار، حبّ الذات هو تقريباً ضديد الأنانية أو النرجسية. في حين يتمحور كلا المفهومين حول تركيز الفرد على احتياجاته الخاصة ورغباته، فإن الأنانية تنطوي على تجاوز للآخرين، وتؤدي النرجسية إلى تعدي على حدود الآخرين وإلحاق الضرر بهم، بينما يتضمن حبّ الذات وعي الفرد بأهمية معاملته لذاته بلطف ورحمة بطريقة تعود بالنفع في النهاية على نفسه وعلى الآخرين.
خلاصة الأمر
لا يعني حب الذات الأنانية، وليس أمراً مخجلاً، بل على العكس هو مفيد للصحة الجسدية والنفسية والعاطفية، وينعكس إيجاباً لا على الفرد بحد ذاته فحسب، بل على الآخرين، وكما يقول المثل الدارج: "كيف يمكنك أن تحب الآخرين وأنت لا تحب نفسك؟"؛ لذلك قبل الخوض في أية علاقة، يوصى بحب النفس أولاً لتجنب التعرض للضرر أو إلحاقه بالآخر، وبالمثل مع العلاقات التي سبق إنشاؤها، يجعلك حب الذات أكثر راحة وانسجاماً مع الغير، وينبهك إلى قيمتك عند الآخرين فماذا تنتظر لتبدأ رحلتك نحو حب ذاتك؟
بقلم المدربة المعتمدة الدولية شيرين جحجاح.
لمتابعة أحدث أخبار التدريب والتعليم وجديد الخدمات والعروض من أكاديمية TTDA.
أضف تعليقك